إتحاف أهل النظر بمعرفة بعض الأخطاء المتعلقة بليلة القدر

لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن عمر بن سالم بازمول حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهناك جملة من الأخطاء يقع فيها بعض الصائمين تتعلق بليلة القدر ، أحببت التنبيه عليها لنحذرها ونحذر منها :
فمن الأخطاء :
أن بعض الصائمين يغفلون عن تحري وطلب ليلة القدر
وهي في أوتار العشر الأواخر من رمضان قال صلى الله عليه وسلم عن رمضان (( فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي))
وقال صلى الله عليه وسلم (( التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر ))
ومن الأمور التي تفوت على المسلم أجراً كثيراً :
أنه لا يقول الدعاء المأثور الوارد في ليلة القدر فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال صلى الله عليه وسلم (( قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))
ومن الأخطاء :
زيادة كلمة ((كريم)) في هذا الدعاء فنسمع بعضهم يقول : اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني !!
وهي زيادة غير ثابتة في الحديث
وقد أوضحت ذلك مفصلاً في بحث خاص متعلق بهذا الحديث بعنوان حديث عائشة في دعاء ليلة القدر رواية ودراية
ولا يقال : إنها زيادة حسنة !
لأننا نقول هي من باب الأذكار النبوية التي يجب فيها التقيد بالذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
اعتقادهم أن ليلة القدر لا بد من نزول المطر فيها !
قال ابن المنير : نحن نرى كثيراً من السنين ينقضي رمضان دون مطر مع اعتقادنا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر انتهى .
وقال عبيد الله المباركفوري : قوله (في ماء وطين) علامة جعلت له يستدل بها عليها انتهى .
فهذا يدل على أن نزول المطر ليس شرطاً لليلة القدر .


ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
ظنهم أن من علامات ليلة القدر وصباحها :
أن ماء البحر يكون عذباً .
وظنهم أن الكلاب لا تصيح فيها .
وأن الحمير لا تنهق فيها .
وأن الأشجار تضع فروعها على الأرض .
وأن الواحد يرى النور فيها ساطعاً حتى في الأماكن المظلمة .
وأن الملائكة تسلم على أهل المساجد .
وأنهم يرون قناديل ومصابيح تنزل من السماء وأن السماء تتشقق.
فهذه العلامات المذكورة لم تثبت في السنة النبوية
فلا يجوز إثباتها من العلامات إلا بدليل شرعي ؛ لأنها أمور غيبية توقيفية .

وقد بينت السنة الصحيحة أمارات تلك الليلة :
ا/ أنها في أوتار العشر الأواخر .
قال صلى الله عليه وسلم (( التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر))
2/ أن الشمس تطلع في صبيحتها بلا شعاع ضعيفة حمراء حتى ترتفع ثم يأتي الشعاع بعد إرتفاعها 
قال أبي بن كعب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأماراتها (( فأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع))
وفي رواية بلفظ (( تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء ))
3/ أن الملائكة ليلتها أكثر من عدد الحصى 
قال صلى الله عليه و سلم (( ليلة القدر سابعة أو تاسعة و عشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ))
4/ أن ليلتها مشرقة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم
قال صلى الله عليه وسلم (( ليلة القدر ليلة بلجة ؛ - أي مشرقة - لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها))
وقال صلى الله عليه و سلم (( ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ؛ - أي سهلة طيبة - لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء))
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (( أكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين فقيل له بأي شيء علمت ذلك فقال بالآية التى أخبرنا رسول الله (( أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطست لا شعاع لها ))
فهذه العلامة التى رواها أبي بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات فى الحديث وقد روي فى علاماتها :
أنها ليلة بلجة منيرة 
وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد انتهى 
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
اعتقادهم أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين !
وهذا خلاف السنة !!
والصحيح أن ليلة القدر أخفاها الله لحكمة أرادها لأجل أن يجتهد المسلم في العشر الأواخر من ليالي رمضان طلباً لهذه الليلة فيكثر عمله ويجمع بين كثرة العمل في سائر ليالي العشر الأواخر من رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها فيكون جمع بين الحسنين .
فإن قيل :
قال صلى الله عليه وسلم : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ؟
فالجواب :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أيضاً : إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر
وقال صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان))

فهذه الأحاديث أفادت أن ليلة القدر متنقلة في أوتار العشر الأواخر .

فهذه جملة من الأخطاء التي أردت التنبيه عليها .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



أخوكم المحب
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
الأحد 22 رمضان 1435هـ
00 : 3 ظهراً

تنبيه :
كنت ذكرت حديث واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة ولا باردة (ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح) ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها ))
وقد ذكرته مستدلاً به بناء على وقوفي على تحسينه
ثم وجدت الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -
قد حَسَّن الحديث إلا زيادة
(ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح)
فَضَعَّفَهَا
كما في الجامع الصغير (2/961رقم5472)
والسلسلة الضعيفة (9/392رقم4404)
وقد حذفت الحديث من المقال
والمسألة كما هي لم تتأثر بضعف الحديث
لما ذكرته فيه


وقد تنبهت لضعف هذه الزيادة
من مقال أخينا الفاضل سلطان الجهني
جزاه الله خيراً
http://www.sahab.net...howtopic=145542