من شبهة من
يحج بلا تصريح (5)
فإن قيل: الحج بلا تصريح محرم ويأثم فاعله لكن
سيغفر للحاج يوم عرفة !! وعليه فلا مشكلة من الحج بلا تصريح !؟؟
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه
:
- الوجه
الأول : أن بعض الناس ديدنه التحايل على أوامر ولي الأمر،
بمثل هذه الشبهات الخداعة الزائفة !!!
وهذا
التحايل يؤدي إلى سقوط هيبة السلطان قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :"إذا
سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان، وحلت الفوضى والفتن، والشر والفساد، ولو كان هذا
الذي يغتاب ولاة الأمور، يقصد الإصلاح، فإن ما يفسد أكثر مما يصلح، وما يترتب على
غيبة ولاة الأمور أعظم من الذنب الذي ارتكبوه، لأنه كلما هان شأن السلطان في قلوب
الناس تمردوا عليه ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته، وهذا بلا شك ليس إصلاحاً، بل
هو إفساد وزعزعة للأمن ونشر للفوضى ...".
وكان
الواجب على من يعلم الناس أن يعلمهم الالتزام بالأوامر الشرعية واجتناب النواهي،
كوجوب السمع والطاعة لولي الأمر في غير معصية الله وتحريم مخالفة ولي الأمر.
-
الوجه الثاني
:
أن من أتى بمعصية في حجه فحجه ناقص الأجر؛ قال العلامة ابن باز رحمه الله :"إذا
كان حين حجّ يأتي بعض المعاصي فحجه ناقص، ولكنه يبرئ ذمته من الفريضة، لكن يكون
حجه ناقصًا، لا يكون مبرورًا، يكون ناقصًا".
وقال
العلامة ابن عثيمين رحمه الله :"المعصية مطلقاً تنقص من ثواب الحج".
فمَنْ
حج بلا تصريح وقع في أمر محرم فحجه ناقص !!!
-
الوجه الثالث
:
أن من حج بلا تصريح لم يكن حجه مبرورًا؛ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :"الحج
المبرور هو الذي اجتمعت فيه أمور ... منها : أن يجتنب فيه الرفث والفسوق والجدال ...
لابد أن يكون قد تجنب فيه الرفث والفسوق والجدال: المجادلة والمنازعة بين الناس في
الحج هذه تنقص الحج كثيرًا".
وقال
أيضًا :"النبي صلى الله عليه وسلم اشترط في الحجِّ أن يكون مبرورًا : أن
يتجنب فيه المحظور".
-
الوجه الرابع
:
أن الواجب على الحاج ترك المحرمات قال العلامة ابن باز رحمه الله :"يجب على
المحرم أن يترك الرفث والفسوق والجدال". وقال أيضًا :"المؤمن يجتنب
الفسوق في الحج وفي غيره، فكل المعاصي تسمى فسوقًا". وقال أيضًا :"وصيتي
للجميع أن يتقوا الله، وأن يحرصوا كثيرًا على ما فرض الله، وعلى ترك ما حرم الله،
وأن يكملوا حجهم بالبعد عن كل ما حرم الله عليهم حتى يكون الحج كاملاً تامًّا".
-
الوجه الخامس
:
أن الحج بلا تصريح فيه إيذاء للحجاج وتضييق عليهم، وفيه جرأة على حق ولي الأمر !!!
وهذا من الحقوق التي بين العباد، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :"يجب
عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين، سواء كان ذلك في المشاعر، أو في الأسواق، فيجتنب
الإيذاء عند الازدحام في المطاف، وعند الازدحام في المسعى، وعند الازدحام في
الجمرات، وغير ذلك". وقال أيضًا :"يتجنب أذية الناس بالمزاحمة عند
الطواف، أو السعي، أو الجمرات، أو غير ذلك؛ لأن أذية الناس من الأمور المحرمة".
- الوجه
السادس : أن الحاج لا يعلم هل قُبِل منه الحج أم لا ! قال
العلامة ابن عثيمين :"ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم :"من حج ولم
يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" وقوله صلى الله عليه وسلم :"الحج
المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" أن الحج المبرور يكفر الكبائر ... ولكن يبقى
النظر: هل يتيقن الإنسان أن حجه كان مبروراً ؟ هذا أمر صعب، لأن الحج المبرور ما
كان مبروراً في القصد والعمل، أما في القصد فأن يكون قصده بحجه التقرب إلى الله
تعالى ... وكذلك المبرور في العمل بأن يكون متبعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم
في أداء المناسك، مجتنباً فيه ما يحرم على المحرم في العمل بخصوصه وما يحرم على
عامة الناس، وهذا أمر صعب، لا سيما في عصرنا هذا، فإنه لا يكاد يسلم الحج من تقصير
وتفريط، أو إفراط ومجاوزة، أو عمل سيىء، أو نقص في الإخلاص؛ وعلى هذا فلا ينبغي
للإنسان أن يعتمد على الحج، ثم يذهب يفعل الكبائر، ويقول: الكبائر يكفرها الحج. بل
عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من فعل الكبائر. وأن يقلع عنها ولا يعود،
ويكون الحج نافلة أي زيادة خير في الأعمال الصالحة".