لقاء مع الشيخ أحمد بن عمر بازمول على صفحات شبكة الإمام الآجري



لقاء مع الشيخ أحمد بازمول على صفحات شبكة الإمام الآجري



حوار مع أخينا أبي عبد الله الآجري

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فاسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل. 
وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
أخي الفاضل أبا عبد الله الآجري
الإخوة الفضلاء في شبكة الآجري 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وجزاكم الله خيراً على حسن ظنكم بأخيكم.
وإني أتشرف بضيافتكم لي وافتخر في المشاركة معكم في شبكة الإمام الآجري المعروفة بالحرص على المنهج السلفي.
وما أنا إلا طالب علم، وأخ لكم، وما مشاركتي إلا من باب المذاكرة والمدارسة للعلم وطرق تحصيله. 
وقد استفسرتم بارك الله فيكم عن ثلاثة أمور : 
1- هل كتاب التوحيد هو أول متن أدرسه في بداية طلبي للعلم ؟ 
2- وما أول المتون التي درستها في أول طلبي للعلم ؟
3- ولو كان لك من العلم بحال المتون حينها ما لك بها من العلم الآن هل كنت ستقدم على نفس المتن؟ولماذا؟
فأقول مستعيناً بالله تعالى : 
الجواب عن الأول: 
بالنسبة لدراسة كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فقد درسته بفضل الله تعالى على أهل العلم . وليس هو المتن الأول الذي درسته عند بداية طلبي للعلم . 
الجواب عن الثاني: 
الأصل في طالب العلم المبتدئ أن لا يستقل هو باختيار المتون العلمية التي يبدأ بدراستها؛ لأنه غير مؤهل لمعرفة الأصلح له منها، لذلك عليه أن يسأل العلماء وطلاب العلم المؤهلين عن ما يبتدئ به من المتون؛ ليسير على خطى ثابتة صحيحة بإذن الله تعالى . 
وإن من فضل الله عليَّ أن يسر لي أخي الشيخ محمد بن عمر بازمول في بداية طلبي للعلم. فقد وجهني التوجيه الصحيح في طلب العلم . 
وهذا من توفيق الله لي أن يكون أخي الشيخ محمد بازمول حفظه الله تعالى هو من يوجهني ويعلمني، قال أيوب :" إن من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقهما الله تعالى لعالم من أهل السنة"أخرجه واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (1/60رقم30)، وقال ابن شوذب :" إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها". أخرجه ابن بطة في الإبانة (1/204رقم43).
وإن من أهم الأمور التي وجهني إليها في بداية طلبي للعلم بيان العلم والمقصود من العلم، وحكم تعلم العلم:
فأما العلم فهو كما عرفه أبو حاتم الرازي كما في الفقيه والمتفقه (1/432) للخطيب :"العلم عندنا ما كان عن الله تعالى من كتاب ناطق وناسخ غير منسوخ، وما صحت به الأخبار عن رسول اللهصل  مما لا معارض له، وما جاء عن الألباء من الصحابة ما اتفقوا عليه، فإذا اختلفوا لم يخرج من اختلافهم .
فإذا خفي ذلك، ولم يفهم فعن التابعين . فإذا لم يوجد عن التابعين فعن أئمة الهدى من أتباعهم".
وقال ابن رجب في فضل علم السلف على علم الخلف (3/26-المجموع) :" العلم النافع من هذه العلوم كلها: ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها والتقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام والزهد والرقائق والمعارف، وغير ذلك والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولاً ثم الاجتهاد على الوقوف على معانيه وتفهمه ثانياً، وفي ذلك كفاية لمن عقل وشغل لمن بالعلم النافع عنى واشتغل".
وقال الشيخ ابن عثيمين في العلم (13) :"العلم الشرعي، والمراد به : علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى".
وأما المقصود من العلم: فهو أن تعبد الله على بصيرة، وأن تحصل لك الخشية والخوف من الله ، وأن تتبع ما كان عليه النبيصلى اللهعليه وسلم  وأصحابه، وليس المراد من العلم تكثير المعلومات، ولا التفاخر به، فليس العلم مقصوداً لذاته، بل هو وسيلة للقرب من الله تعالى.
قال الخطيب البغدادي في اقتضاء العلم العمل (15) :" العلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة فإذا كان العمل قاصراً عن العلم، كلاً على العالم، ونعوذ بالله من علم عاد كلاً، وأورث ذلاً وصار في رقبة صاحبه غلاً.
قال بعض الحكماء: العلم خادم العمل، والعمل غاية العلم، فلولا العمل لم يطلب علم، ولولا العلم لم يطلب عمل، ولأن أدع الحق جهلاً به أحب إلي من أن أدعه زهداً فيه".
وقال الشيخ صالح الفوزان في محاضرات في العقيدة والدعوة (2/247) :" العلم ليس مقصوداً، وإنما يقصد من أجل العمل؛ لأنه وسيلة إلى العمل وخشية الله سبحانه وتعالى، هذا هو المقصود بالعلم".
وأما حكم تعلم العلم: فقد بيَّن لي وفهمني أن العلم منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية، وأن الواجب عليَّ أولاً وقبل دراسة المتون والدخول فيها أن أتعلم من العلم ما هو فرض عين، وأقدمه على ما هو فرض كفاية وكثيراً ما كان يردد قول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ". أخرجه ابن ماجه في السنن (1/81رقم224) عن أنس. وصححه لغيره الألباني في تخريج مشكلة الفقر (48-62رقم86).
ويقول لي الواجب على كل مسلم أن يطلب علم ما يحتاج إليه في يومه وليلته من أمور التوحيد والطهارة والصلاة ونحوها.ثم يذكر ما رواه ابن وهب عن مالك، أن رجلاً قال لرجل من أهل العلم سأله عن طلب العلم فقال له :" إن طلب العلم يحسن، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح حتى تمسي، ومن حين تمسي حتى تصبح، فألزمه، ولا تؤثرنَّ عليه شيئاً". أخرجه أبو الفضل الزهري في حديثه (2/522رقم549).
ويذكر لي ما قاله عبد الله في مسائله (439رقم1589)سألت أبي عن : الرجل يجب عليه طلب العلم ؟
فقال : إي ما يقيم به الصلاة وأمر دينه من الصوم والزكاة وذكر شرائع الإسلام .
وقال : ينبغي له أن يتعلم ذلك".
وقال أبو عمر ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/10) :" قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصته بنفسه ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع".
قلت : وضابط الفرض العيني في العلم :"أن يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها أو معاملة يريد القيام بها، فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يعرف كيف يتعبد لله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعاملة" كما قاله العلامة ابن عثيمين في كتاب العلم (23).
والفرض العيني من العلم لا يعذر أحد بجهله قال الشيخ صالح الفوزان في محاضرات في العقيدة والدعوة (2/235) :"من العلم ما هو واجب وجوباً عينياً على كل  مسلم أن يعرفه، ولا يعذر أحد بجهله، وهو معرفة ما لا يستقيم دين العبد إلا به من أحكام عقيدته وأحكام صلاته وزكاته، وصومه وحجه، فهذا القسم من العلم أو هذا القدر من العلم واجب على كل مسلم أن يعرفه معرفة تامة ولا يعذر أحد بجهله؛ لأنه لا يمكن أن يستقيم دين الإنسان إلا به".
أقول : من هنا كان أخي الشيخ محمد بازمول حفظه الله تعالى يقول لي من الخطأ الذي نراه من طلاب العلم أن الواحد منهم يدرس في بعض العلوم كاللغة أو الأصول وهو يجهل أبواباً مهمة في التوحيد، أو يجهل كيف يصلي ويصوم، فهذا خطأ فاحش في طلب العلم.
فكان أول طلبي للعلم على هذه الأسس المتينة فتعلمت في التوحيد متن الأصول الثلاثة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتعلمت ما أحتاج إليه من العلم في عبادتي من طهارة وصلاة ونحوهما، مع اشتغالي بحفظ القرآن إلا أني في بداية أمري حفظت عشرة أجزاء ولم أتمه إلا بعد فترة طويلة من الزمن. 
ثم بعد ذلك درست كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وكتاب في التجويد وفي الفقه (آداب المشي إلى الصلاة)ثم بعضاً من منار السبيل وفي الأصول الورقات وفي الحديث الأربعين النووية وفي علوم الحديث اختصار علوم الحديث لابن كثير وتعلمت المواريث والفرائض وفي النحو الآجرومية.
وبعد ذلك ما تيسر لي من الكتب في مختلف الفنون التوحيد والتفسير والحديث والفقه، وعلوم الآلة، مراعياً في ذلك ثلاثة أمور: 
الأول: حاجتي لدراسة الكتاب أو الفن. 
الثاني: توفر الشيخ الذي أقرأ عليه . 
الثالث: رغبتي في تعلم ذلك الفن . 
ويمكن أن أضيف: أن تركيزي في دراستي على الكتاب والسنة أكثر من التركيز على دراسة علوم الآلة؛ لأن علوم الآلة وسيلة وليست غاية.
ولذلك :كان أخي الشيخ محمد بازمول : يعيب على طلبة العلم الشرعي الذين يتوغلون في علوم الآلة أكثر من توغلهم في العلوم الشرعية
الجواب عن الثالث: 
ولعله ظهر بالجواب الثاني : الجواب عن الأمر الثالث .
فبحمد الله تعالى أرى أن الطريقة التي سرت عليها في أول طلبي للعلم طريقة مثالية؛ لما فيها من تحقيق أمرين : 
الأول: تعلم الفرض العيني من العلم . 
الثاني: التدرج في العلم وحسن الاختيار للمتون المقروءة والله أعلم . 
وفي ختام هذا الجواب: 
وأوصي إخواني طلاب العلم بما كان يوصني به أخي الشيخ محمد بازمول من قراءة الكتب المؤلفة في طلب العلم وفضله وفي فضل العلماء ككتاب العلم لأبي خيثمة وكتاب أخلاق العلماء للآجري وكتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر وكتاب الجامع لأخلاق الراوي للخطيب وكتاب تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة وغيرها.
فكثيراً ما كان يوصيني بالاطلاع على هذه الكتب خصوصاً كتاب جامع بيان العلم وفضله ويقول لي : هذه الكتب قراءتها مفيدة للمبتدئ وغيره؛ لما فيها من بيان أهم الآداب والأسباب والطرق والمعوقات إلى آخره. 
والحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
محبكم

أحمد بن عمر بازمول

تنبيه : أضفت بعض الجمل وجعلت تحتها خطاً




الجواب عن سؤال الأخ في تفريغ الأشرطة وغيرها


بسم الله الرحمن الرحيم


إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:
فاعتذر عن التأخر بسبب السفر وبعض الأمور التي أشغلتني عن الإجابة، ولكن قدر الله وما شاء فعل. 
وقد استفسرتم بارك الله فيكم عن ثلاثة أمور : 
- الأول: كيفية استغلال طريقة تفريغ الأشرطة لطلب العلم . 
- الثاني: ما النصيحة للمبتدئ في طلب العلم ؟ وهل يلتفت لما يجري في الساحة بين السلفيين ؟ وهل يستفيد من النت ؟وما أهم المواقع التي ينصح بها طالب العلم؟ 
- الثالث : هل يستفاد من قول الصحابي الجليل حسان بن ثابت: إثبات المحمود اسماً لله عز وجل. 
فأقول مستعيناً بالله تعالى : 
الجواب عن الأول
قبل البدء في بيان ما يتعلق بسماع الأشرطة: أحب أن أنبه إلى أن الأفضل لطالب العلم الحضور عند العلماء في دروسهم وتلقي العلم منهم مباشرة لما في الحضور عند العلماء من فوائد عديدة منها : أن التلقي على أيدي العلماء مباشرة أقرب لحصول العلم. ويستفيد طالب العلم من الحضور التأدب بآداب العلماء وأخلاقهم والتأثر بسمتهم وهديهم. وهذا يُرى بالحضور لا بالسماع فقط. 
ولكن إذا لم يتيسر الحضور عند العلماء لأي سبب كان فقد يَسَّرَ الله لنا هذه المسجلات الصوتية يستفيد منها الحاضر والباد. 
وأما بالنسبة لسماع الأشرطة وتفريغها: فلا أن تفريغ الأشرطة فيه خير كثير بإذن الله تعالى، فهو من باب التعاون على البر والتقوى وتسهيل العلم لطلاب العلم، فبعض الأشرطة تحتوي على فوائد ودرر يحتاج إليها طالب العلم.
وطالب العلم الذي يسمع الدرس المسجل يمكن أن يستفيد من هذه الأشرطة بأحد الطرق التالية : 
- تفريغ كامل الشريط : وهذا يحتاج إلى جهد ولكن فيه إن شاء الله تعالى خير ومصلحة له ولغيره. بل حتى العالم نفسه قد يفرغ التسجيل ويؤتى به إليه فيقوم على تذهيبه وإصلاحه ومن ثَم طباعة الدرس أو المحاضرة. 
- تفريغ الملخص العام للشريط: بحيث لا يفرغ كل الشريط وإنما يقتصر على النقاط التي يدور عليها الدرس مع الاكتفاء بما يدل على المراد. وهذا مختصر جيد يستفيد منه طالب العلم وغيره. 
- التفريغ لبعض ما اشتمل عليه الشريط من الفوائد والنكت: وهذا جيد لطالب العلم لما فيه من ضبط وحفظ بعض المسائل والفوائد والنكت . إلا أن الثاني والثالث : لا يصح أن ينسب للعالم مباشرة إلا ببيان العمل الذي قام به المختصر. 
وهذا كحال من يحضر عند العلماء : فقد رأينا بعض إخواننا من طلاب العلم : يكتب كل ما يقول الشيخ . وبعضهم يسمع كلام الشيخ ثم يخلصه. وبعضهم يكتب تعليقات من كلام الشيخ . 
ولعل هذا الأمر يتدرج فيه طالب العلم باعتبار بدايته في طلب العلم : فطالب العلم المبتدئ يكتب كل شيء يسمعه، ثم إذا تقدم به العمر في طلب العلم، اقتصر على بعض الفوائد والنكت، ثم إذا تقدم به العمر في الطلب: اقتصر على كتابة ما فهمه من كلام الشيخ ملخصاً له . 
وفي كلٍ خير بإذن الله تعالى . 
لكن ينتبه : إلى أن بعض طلبة العلم: يشتغل بتفريغ الشريط، مهتماً فقط بضبط النص، ولا يعتني بالفهم لما يقوله الشيخ؛ فهذا قد يحصل له قصور كبير؛ لعدم فهمه لكلام الشيخ. فالفائدة تحصل بالأمرين معاً : 
1- ضبط كلام الشيخ . 
2- فهم كلام الشيخ . 
وأيضاً: ينتبه إلى أن بعض طلاب العلم قد يفرغ أشرطة لبعض من في منهجهم خللٌ ومخالفة لمنهج السلف، مغتراً بكثرة علمه وثناء بعض الناس على دروس ذاك العالم! وقد يقول: إن الاستماع له ليس كالحضور عنده !
وهذا لا شك أنه خطأ؛ فلسماع الشريط أثر على المستمع كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لما سئل هل يؤثر سماع الشريط في المعتقد فأجاب رحمه الله تعالى بقوله 
((نعم يؤثر في معتقدهم إذا كانوا يستمعون إلى أشرطة بدعية ويتبعونها، أما إذا كانوا يستمعون إلى أشرطة من علماء موثوق بهم، فلا يؤثر على معتقداتهم، بل يزيدهم إيمانًا ورسوخًا واتباعًا للمعتقد الصحيح)) .
وهنا أنبه إلى قضية مهمة في طلب العلم ألا وهي : أن المقصود بالعلم التقرب إلى الله وعبادته على بصيرة، وليس المقصود من طلب العلم كثرة المعلومات إلا عند من طلب العلم ليقال عنه عالم ولم يطلبه لله عز وجل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 
فمن هنا : كان العالم السني قليل العلم خير بكثير من العالم المخالف لمنهج السلف ولو كثر علمه.
فالعالم المتمسك بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة هو كبير بهذا العلم، كبير بهذا المنهج لا لذات هذا العالم، وإنما للحق فصاحب الحق كبير، وصاحب الباطل صغير، ولو كان كبير العلم، فعَنْ أَبِي أُمَيَّة الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّه  صلى الله عليه وسلم قَالَ " مِنْ أَشْرَاط السَّاعَة أَنْ يُلْتَمَس الْعِلْم عِنْد الْأَصَاغِر" أخرجه ابن المبارك في الزهد (20رقم611) وغيره وجوده الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم695)
وقال عبد الله بن المبارك في معنى "الأصاغر" :" هم أهل البدع، فأما صغير يؤدي إلى كبيرهم فهو كبير" أخرجه الهروي في ذم الكلام وأهله (5/76رقم1411)
وقال إبراهيم الحربي :" الصغير إذا أخذ بقول رسول الله والصحابة والتابعين فهو كبير" أخرجه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (1/85رقم103). وإنما لا يؤخذ العلم عن الأصاغر الذين يفتون بغير علم، وأما الكبير فهو العالم في أي شيء كان، فالجاهل صغير وإن كان شيخاً، والعالم كبير وإن كان حدثاً قال البربهاري في شرح السنة (96رقم104) :" اعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب وإنما العالم من اتبع العلم والسنن، وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير العلم والكتب"
وأسوق لكم من باب الفائدة فتوى الشيخ ابن عثيمين في فوائد استماع الدروس عن طريق الأشرطة: 
فقد سئل الشيخ رحمه الله تعالى كما في كتاب العلم (193رقم93) : هل تعتبر أشرطة التسجيل طريقة من طرق العلم؟ وما هي الطريقة المثلى للاستفادة منها؟
فأجاب رحمه الله بقوله: أما كون هذه الأشرطة وسيلة من وسائل تحصيل العلم فهذا لا يَشُكُّ فيه أحد ، ولا نجحد نعمة الله علينا في هذه الأشرطة التي استفدنا كثيرًا من العلم بها؛ لأنها توصّل إلينا أقوال العلماء في أي مكان كنا.
ونحن في بيوتنا قد يكون بيننا وبين هذا العالم مفاوز ويسهل علينا أن نسمع كلامه من خلال هذا الشريط. وهذه من نعم الله -عز وجل- علينا، وهي في الحقيقة حجة لنا وعلينا، فإن العلم انتشر انتشارًا واسعًا بواسطة هذه الأشرطة.
وأما كيف يستفاد منها؟
فهذا يرجع إلى حال الإنسان نفسه، فمن الناس من يستطيع أن يستفيد منها ، وهو يقود السيارة، ومنهم من يستمع إليه أثناء تناوله لطعام الغداء أو العشاء أو القهوة.
المهم أن كيفية الاستفادة منها ترجع إلى كل شخص بنفسه، ولا يمكن أن نقول فيها ضابطًا عامًّا. انتهى. 
وسئل الشيخ رحمه الله تعالى كما في كتاب العلم (219رقم112): بعض طلبة العلم يكتفون بسماع أشرطة العلماء من خلال دروسهم فهل تكفي في تلقي العلم؟ وهل يعتبرون طلاب علم؟ وهل يؤثر في معتقدهم؟
فأجاب رحمه الله بقوله: لا شك أن هذه الأشرطة تكفيهم عن الحضور إلى أهل العلم إذا كان لا يمكنهم الحضور، وإلا فإن الحضور إلى العلماء أفضل وأحسن وأقرب للفهم والمناقشة، لكن إذا لم يمكنهم الحضور فهذا يكفيهم. 
ثم هل يمكن أن يكونوا طلبة علم وهم يقتصرون على هذا ؟
نقول: نعم يمكن إذا اجتهد الإنسان اجتهادًا كثيرًا كما يمكن أن يكون الإنسان عالمًا إذا أخذ العلم من الكتب، لكن الفرق بين أخذ العلم من الكتب والأشرطة وبين التلقي من العلماء مباشرة، أن التلقي من العلماء مباشرة أقرب إلى حصول العلم؛ لأنه طريق سهل تمكن فيه المناقشة بخلاف المستمع أو القارئ فإنه يحتاج إلى عناء كبير في جمع أطراف العلم والحصول عليه.
وأما قول السائل: هل يؤثر الاكتفاء بالأشرطة في معتقدهم؟
فالجواب: نعم يؤثر في معتقدهم إذا كانوا يستمعون إلى أشرطة بدعية ويتبعونها، أما إذا كانوا يستمعون إلى أشرطة من علماء موثوق بهم، فلا يؤثر على معتقداتهم، بل يزيدهم إيمانًا ورسوخًا واتباعًا للمعتقد الصحيح. انتهى
الجواب عن الثاني
فالنصيحة للمبتدئ في طلب العلم: أن يبتدئ بدراسة وتعلم ما يحتاج إليه في التوحيد مثل متن (الأصول الثلاثة) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب. 
وما يحتاج إليه في العبادة مثل متن (آداب المشي إلى الصلاة) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ومثل متن (منهج السالكين) للسعدي.
مع اشتغاله بحفظ القرآن.

ثم بعد ذلك يتدرج في طلب العلم على حسب ما يوجهه إليه المعلم. 

ويكون ذلك على أيدي الموثوق بعلمهم ومنهجهم ودينهم من العلماء وطلاب العلم المؤهلين للتدريس والفائدة. 
وأما إذا لم يكن عنده شيخ فيمكن أن يستشير طلاب العلم في ذلك، وسأضع قريباً إن شاء الله تعالى بعض المقترحات لما يحتاج إليه طالب العلم من المتون والكتب العلمية التي يتدرج طالب العلم في دراستها وفي الاستفادة منها . 
اسأل الله أن ييسر ذلك. 
وأما ما يجري في الساحة وما يكون في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) فهذا يختلف: 
فإن كان طالب العلم مبتدئاً؛ فهذا لا يدخل في هذه الأمور الكبار. 
وإن كان طالب العلم قد قطع شوطاً في الطلب فهذا يدخل ويطلع بقدر ما يحتاج إليه، مع ملاحظة أن لا يشغله الإنترنت عن الطلب والدروس العلمية. خاصة ما يعرف بـمحادثات (الماسنجر).
وأهم المواقع في الإنترنت: 
شبكة سحاب السلفية
ومنتديات البيضاء العلمية
ومنتدى التوحيد والسنة 
وشبكة الإمام الآجري
وشبكة سبيل السلفية
وغيرها التي شهد لها أهل العلم. 
والمواقع الرسمية للمشايخ: ابن باز والألباني وابن عثيمين رحمهم الله تعالى . 
وللمشايخ: صالح الفوزان وربيع المدخلي وفلاح مندكار وغيرهم من المشايخ السلفيين المعروفين.
ومما يجب التنبيه عليه: أن طلاب العلم المبتدئين لا مانع من تحذيرهم من أهل البدع بل يجب تحذير من أهل الانحراف والأهواء كما قال عَاصِم: كُنَّا نَأْتِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ وَنَحْنُ غِلْمَةٌ أَيْفَاعٌ فَكَانَ يَقُولُ لَنَا لَا تُجَالِسُوا الْقُصَّاصَ غَيْرَ أَبِي الْأَحْوَصِ وَإِيَّاكُمْ وَشَقِيقًا قَالَ وَكَانَ شَقِيقٌ هَذَا يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ" أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح (1/20) هو شقيق الضبي الكوفي القاص الخارجي.
قال شيخنا أحمد النجمي في الفتاوى الجلية (2/57) معلقاً على هذا 
الأثر : (( في هذا شاهد، ودليل، على أن السلف كانوا يحذرون صغار الطلاب من الاستماع إلى من يفسد دينهم، وأخلاقهم؛ بكذبه، وبدعه)).
الجواب عن الثالث
فوصف الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه : لله عز وجل بأنه محمود فهذا لا يستفاد منه أن (محموداً) من أسماء الله، لأن أسماء الله توقيفية، فلو ثبت بالنص أنه اسم من أسماء الله لصحت التسمية به، ولأن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، فيجوز في الإخبار عن الصفات ما لا يجوز في الأسماء. 
وقد قرر هاتين القاعدتين الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى. 
أخوكم المحب
أحمد بن عمر بازمول







الجواب عن كتب الردود وعن الحفظ وغيرهما



بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فقد استفسرتم بارك الله فيكم عن ثلاثة أمور : 
الأول: هل مواكبة علم الجرح والتعديل وقراءة كتب الردود تعين على التحصيل العلمي ؟
الثاني: ما أهم الأشياء التي تساعد في تحصيل العلم؟ 
الثالث: أنا أعاني من صعوبة فيالحفظ ، والانشغال؟ فماذا تنصحني فيما يخص كيفية طلب العلم؟ و متى ينتقل الطالب منمتن إلى أخر؟
فأقول مستعيناً بالله تعالى: 

الجواب عن الأول

طالب العلم المبتدئ يقرأ المتون العلمية متدرجاً فيها، وحتى يصل إلى مرحلة تؤهله إلى فَهْم وإدراك المناقشات العلمية ومعرفة الحجج ورد الشبه، وفي دراسته العلمية المؤصلة ستمر به مسائل متعلقة بالجرح والتعديل والكلام في أهل الانحراف عن الحق، تؤهله - بإذن الله تعالى - إلى القدرة على قراءة كتب الردود العلمية وكتب الجرح والتعديل.
وهناك من يزهد في كتب الردود وينفر منها ظناً منه أنها غير مفيدة أو أنها تربي طالب العلم على الجرأة على الرد، وتتبع العثرات، وأنها تقسي القلب.
ولا شك أن هذا القول غير معتبر بل هو مخالف لما عليه سلف الأمة ومن سار على نهجهم إلى يومنا هذا، فلم يزل العلماء يصنفون ويؤلفون في الرد على من خالف الحق، وما تصنيفهم وردهم إلا ليطلع عليه طلاب العلم والعلماء ويستفيدون منها. قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى كما في الأجوبة المفيدة (90رقم33) الرد على المخالف؛ سنة السلف؛ فالسلف يردون على المخالفين وهذه كتبهم موجودة. رد الإمام أحمد على الزنادقة والمبتدعة، ورد شيخ الإسلام ابن تيمية على الفلاسفة وعلى علماء الكلام، وعلى الصوفية وعلى القبوريين، ورد الإمام ابن القيم وكثير من الأئمة ردوا على المخالفين من أجل بيان الحق وإظهار الحق للناس حتى لا تضل الأمة وتتبع المخطئين والمخالفين، وهذا من النصيحة للأمة ... هـذه كتب الردود موجودة من قديم الزمان وما عابها أحد ولا انتقدها أحد الحمد لله، لابد من البيان"
ولا بد أن تكون كتب الردود صادرة عن أهل العلم 
فقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى كما في الإجابات المهمة في المشاكل الملمة: هناك من يزهد في الردود ويرى أن هذا تفريق للأمة، وربما زهدوا فيمن يردون على أهل البدع والضلال وهناك من يرى عدم الخوض في الردود والتكلم في أخطاء طلبة العلم والدعاة إذا أخطأوا ونأمل التوجيه حيال ذلك ؟
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : الردود على قسمين:
الردود الصادرة عن أهل العلم والمعرفة والبصيرة لبيان الحق ودحض الباطل فهذه ردود مفيدة ولابد منها.
أما الردود التي تصدر عن الجهال والطلاب غير المتمكنين أو الردود التي تصدر عن أهواء ورغبات فهذه ردود لا تجوز؛ لأنها تضر ولا تنفع! أما الردود الصحيحة الصادرة عن أهل العلم المعتمدة على بيان الحق لا على الهوى فهذه لابد منها؛ لأنه لا يجوز السكوت عن أهل الضلال ينشرون ضلالهم ويغررون بالأمة وشباب الأمة"
فأما قول القائل : إن كتب الردود غير مفيدة، فهذا قول من لم يقف عليها ويخبر حالها، أو قول من أراد صدَّ الناس عن الحق!
فكتب الردود لها فوائد عديدة منها: 
معرفة الحق من الباطل . 
معرفة موطن الخطأ وموطن المخالفة بالتحديد. 
التنبيه على الفَهْم الخاطئ لبعض المسائل العلمية . 
ذكر قواعد وأصول وفوائد ونوادر وأمور قد لا توجد في كتاب غيره، مما يثري العلم ويقويه. 
تربية طالب العلم على رد المخالفة والخطأ على قائله، وتربيته على قبول الحق، ويصبح عنده القدرة على تمييز الحق من الباطل. 
صيانة وحماية للدين من الدخيل والمفترى والبدع والضلالات والخطأ وغير ذلك. 
وأما كون كتب الردود تربي طالب العلم على الجرأة على الرد! وأنها من تتبع العثرات : فهذا قول باطل لما يلي : 
رد الباطل، ونصرة الحق هذا أمرٌ مطلوب، ومرغب شرعاً، وهو من سنة العلماء .
كتب الردود تربي طالب العلم على التأدب مع علماء السنة، وتبين مكانتهم ومنتزلتهم وفضلهم. 
كما أن كتب الردود تربي طالب العلم على التحذير من علماء البدعة والضلالة، ومن أهل الباطل والأهواء والانحراف عن الحق. 
ثم علماء السنة الذين ألفوا كتب الردود، لا يعلمون طلاب العلم الرد على المخالف إلا بعلم ومعرفة بوجوه الحق من الباطل ! 
وليست كتب الردود من تتبع العثرات، بل الرد على المخالف واجب شرعي، وداخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل والجهاد في سبيل الله، وهو من أعظم أبواب العلم؛ لما فيه من حفظ السنة والدين من البدع والضلالات والأفكار المنحرفة، وقد كان السلف من أحرص الناس على الرد على كل منحرف ومخالف، وكشف كل زائغ وضال، مهما كانت منزلته عند الناس تقرباً إلى الله، قال يحيى بن سعيد القطان قال: سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ ويتهم في الحديث ؟ فقالوا جميعاً: بَيِّن أمره"أخرجه أبو زرعة في التاريخ (1/471رقم1222) والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/231) وغيرهما. 
وقال الحسن بن الربيع : قال ابن المبارك: المعلى بن هلال هو إلا أنه إذا جاء الحديث يكذب! قال فقال له بعض الصوفية: يا أبا عبد الرحمن تغتاب! فقال: اسكت إذا لم نبين كيف يعرف الحق من الباطل أو نحو هذا من الكلام"أخرجه الخطيب في الكفاية (45). 
وقال الخطيب في شرف أصحاب الحديث (124) :" ليس إبانة العلماء لأحوال الرواة غيبة بل هي نصيحة ولهم في إظهارها أعظم المثوبة؛ لكونها مما يجب عليهم كشفه ولا يسعهم إخفاءه وستره". وقال ابن رجب في شرح العلل (1/34) :" الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما  يجب قبوله من السنن، مما لا يجوز قبوله. وقد ظن بعض من لا علم عنده أن ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإن ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة، ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور، جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى".
أن السكوت عن المبتدعة وعن الجهال المتصدرين فيه تغرير بالعامة، وتدليس عليهم، فيظنون أنهم على حق وخير، والواقع أكبر شاهد على ذلك، قال الشيخ صالح الفوزان في ظاهرة التبديع والتفسيق (73) :" لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛ لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة. والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، وعن الثناء عليهم، ومن مجالستهم، والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلاَّل لا يخلون من شيء من الحق؛ ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة، فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛ لأن في هذا ترويجاً للبدعة، وتهويناً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ويكونون قادة للأمة - لا قدَّر الله - فالواجب التحذير منهم"
أن الرد على المخالف ليس المقصود منه تنقصه أو الفضيحة بل المقصود منه النصيحة، هذا الظاهر، والسرائر علمها عند الله، تبلى يوم تلتقي الخصوم، قال الشيخ صالح الفوزان كما في الأجوبة المفيدة (163) :" إذا رددنا على بعض أهل العلم، وبعض الفضلاء؛ ليس معنى هذا أننا نبغضه أو نتنقصه، وإنما نُبَيِّن الصواب، ولهذا يقول بعض العلماء لما أخطأ بعض زملائه، قال :" فلان حبيبنا، ولكن الحق أحب إلينا منه"، هذا هو الطريق الصحيح. ولا تفهموا أن الرَّد على بعض العلماء في مسألة أخطأ فيها معناه تَنَقُّص لـه أو بُغض، بل ما زال العلماء يرد بعضهم على بعض، وهم أخوة ومتحابون . ولا يجوز لنا أن نأخذ كل ما يقوله الشخص أخذاً مسلّماً؛ أصاب أو أخطأ، لأن هذا تعصُّب. الذي يؤخذ قوله كله ولا يترك منه شيئاً هو رسول الله 
صلى الله عليه وسلم، لأنه مبلِّغ عن ربه، لا ينطق عن الهوى، أما غيره فهم يخطئون ويصيبون، وإن كانوا من أفضل الناس، هم مجتهدون يخطئون ويصيبون . ليس أحد معصومًا من الخطأ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . يجب أن نعرف هذا، ولا نتكتّم على الخطأ محاباة لفلان، بل علينا أن نُبَيِّن الخطأ. يقول النبي صلى الله عليه وسلم :"الدين النصيحـة" قلنا : لمن ؟ قال : لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم". وبيان الخطأ من النصيحة للجميع، وأما كتمانه فهو مخالف للنصيحة"
أن دعوى اختصاص علم الجرح والتعديل، بباب الرواية دعوى غير صحيحة؛ لأن السلف إنما تكلموا فيمن تكلموا فيه؛ حماية للدين من البدع والضلالات سواء كان في باب الرواية أو في باب الدراية، ولذلك نجدهم قد تكلموا في جماعة لا رواية لهم، وإذا كانوا يردون رواية الراوي المبتدع إذا كان داعية أو روى ما يوافق بدعته؛ فرد كلام أهل الأهواء والبدع والجهال الذي يفسرون به النصوص الشرعية من باب أولى، قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (3/ 575) :" جواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن حمية أو ذباً عن الله ورسوله، ومن هذا طعن أهل الحديث فيمن طعنوا فيه من الرواة ومن هذا طعن ورثة الأنبياء وأهل السنة في أهل الأهواء والبدع لله لا لحظوظهم وأغراضهم. وجواز الرد على الطاعن إذا غلب على ظن الراد أنه وهم وغلط " وقال ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير (2/403-المجموع) :" لا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسك بما لا يتمسك به ليُحذِّر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك"
وأما كون كتب الردود تقسي القلوب : فهذه كلمة صادرة ممن لم يفقه دين الله، ولم يعلم المقصود الذي من أجله صنف أهل العلم هذه الكتب، فكتب الردود نصرة للحق، ورد للباطل، وفي كتب الردود تعظيم الحق، قال ابن رجب في الحكم الجديرة بالإذاعة (33) :رد الصحابة ومن بعدهم من العلماء على كل من خالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا في الرد لا بغضاً له بل هو محبوب عندهم، معظم في نفوسهم لكن رسول الله 
صلى الله عليه وسلم أحب إليهم، وأمره فوق كل أمر مخلوق. فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولى أن يقدم ويتبع"
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى : ما رأي فضيلتكم فيمن يقول أن كتب الردود تقسي القلوب؟
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله :" لا .. ترك الردود هو الذي يقسي القلوب؛ لأن الناس يعيشون على الخطأ! على الضلال؛ فتقسو قلوبهم! أمّا إذا بُيِّن الحق وردّ الباطل فهذا مما يلين القلوب، لا شك "

الجواب عن الثاني

وأما أهم الأمور التي تساعد في تحصيل العلم فعدة أمور منها : 
1- إخلاص النية لله تعالى في طلب العلم، وعدم الرياء والسمعة أو إرادة الدنيا بطلب العلم. 
2- تقوى الله عز وجل بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات، والبعد عن البدع والضلالات. 
3- الدعاء بأن تسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح.
4- ملازمة العلماء وحضور دروسهم العلمية؛ لما في ملازمتهم من الخير الكثير في تحصيل العلم الشرعي. 
5- الاستمرار في الطلب والجد فيه والمثابرة على تحصيله وعدم الانقطاع والغفلة عن طلب العلم. 
6- الحفظ، خاصة حفظ القرآن الكريم، والسنة النبوية.
7- أداء الفروض ولزوم السنن والنوافل والآداب الشرعية . 
8- صحبة طلاب العلم السلفيين المعروفين بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح. 
9- كثرة القراءة في كتب طلب العلم خاصة جامع بيان العلم وفضله، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع.
10-معرفة معوقات طلب العلم مثل فساد النية والوقوع في المعاصي والتسويف وإهدار الأوقات وعدم استغلالها. 

الجواب عن الثالث


كونك بارك الله فيك تعاني من صعوبة في الحفظ:
فهذا يحتاج منك إلى صبر ومصابرة؛ لتقوي ملكة الحفظ عندك؛ وذلك بتعويد نفسك على الحفظ شيئاً فشيئاً. قال الشيخ ابن عثيمين في العلم (242) :" الحفظ ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: غريزي يهبه الله تعالى لمن يشاء، فتجد الإنسان تمر عليه المسألة والبحث فيحفظه ولا ينساه.
والقسم الثاني: كسبي: بمعنى أن يمرن الإنسان نفسه على الحفظ، ويتذكر ما حفظ فإذا عوَّد نفسه تذكُّر ما حفظ سهل عليه حفظه"
وأيضاً : تحتاج مع الحفظ مراعاة عدة أمور منها: 
البعد عن البدع والمخالفات والذنوب والمعاصي.
تفريغ النفس عن الشواغل والصوارف؛ بحيث لو وجدت لا تؤثر على عقلك وتركيزك عند الحفظ.
اختيار الأوقات المناسبة للحفظ.
اختيار الأماكن المناسبة لحفظ. 
الاستمرار وعدم اليأس وإدامة النظر. 
تحديد مقدار معين يمكن حفظه.
مراجعة المحفوظ السابق، وعدم التقدم مع عدم مراجعته. 
وأما كونك عندك مشاغل كثيرة؛ فانظر إذا كان يمكنك التخلص منها، والتفرغ لطلب العلم؛ فهذا أفضل وأحسن.
وإن لم يمكنك التفرغ منها؛ طلباً للرزق والمعيشة فإذا كان يمكنك أن تشتغل بالعلم في أوقات الفراغ من عملك بالاشتغال بالحفظ والقراءة في العمل فهذا جيد إذا لم يكن معارضاً لشرط العمل الذي تعمله. 
وإن كان الوقت كله مشغول ولا يمكنك الاستفادة؛ فإن الواجب في حقك طلب العلم الذي تحتاجه في يومك وليلتك والباقي نافلة عليك.
وإذا كانت عندك همة عالية لطلب العلم فلا تيأس واصبر إلى أن يفرجها الله عليك بعمل آخر، فإذا كان بإمكانك استغلال الإجازة في طلب العلم والقراءة على أحد المعلمين فهذا وإن كان قليلاً في الطلب إلا أنه مع الاستمرار يثمر خيراً كثيراً إن شاء الله .
وأما نصيحتي لك فيما يخص كيفية طلب العلم فقد ذكرت في بعض الأجوبة السابقة شيئاً من ذلك ولكن ألخص لك بعضها
أحرص على تعلم العلم الواجب عليك عينياً مما تحتاجه في يومك وليلتك . 
أحرص على حفظ القرآن الكريم . 
أحرص على طلب العلم على يدي سلفي سواءاً كان عالماً أو طالب علم، وهو يرشدك ويدلك على ما تقرأ عليه. 
استغل أوقاتك في الحفظ والمراجعة والقراءة .
وأما متى ينتقل الطالب منمتن إلى أخر فالأفضل لطالب العلم إذا شرع في حفظ ودراسة متن أن يكمله إلى آخره ولا ينتقل منه إلى غيره إلا لعذر كأن يظهر له أن المتن الذي يدرسه من المتون التي اشتملت على مخالفات وبدع وضلالات.
ولعل من المهم لطالب العلم قبل اشتغاله في متن حفظاً ودرساً أن يسأل أهل العلم عنه، وعن مكانته ومنزلته عند العلماء. 
ومن الخطأ كثرة تنقل طالب العلم من متن إلى متن دون ضابط بل لمجرد هواه فهذا يضيع كثيراً من الوقت والعمر دون أن يحصل شيئاً يذكر من العلم قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في العلم (50) :" الثبات معناه : الصبر والمثابرة وألا يمل ولا يضجر وألا يأخذ من كل كتاب نتفة، أو من كل فن قطعة ثم يترك؛ لأن هذا الذي  يضر الطالب، ويقطع عليه الأيام بلا فائدة، فمثلاً بعض الطلاب يقرأ في النحو : في الآجرومية ومرة في متن قطر الندى، ومرة في الألفية. وكذلك الحال في: المصطلح، مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي، وكذلك في الفقه: مرة في زاد المستقنع، ومرة في عمدة الفقه، ومرة في المغني ، ومرة في شرح المهذب، وهكذا في كل كتاب، وهلم جرا ، هذا في الغالب لا يحصِّلُ علمًا، ولو حصَّل علمًا فإنه يحصل مسائل لا أصولاً، وتحصيل المسائل كالذي يتلقط الجراد واحدة بعد الأخرى، لكن التأصيل والرسوخ والثبات هو المهم، فكن ثابتًا بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع وثابتًا بالنسبة للشيوخ الذين تتلقى عنهم، لا تكون ذوّاقًا كل أسبوع عند شيخ، كل شهر عن شيخ ، قرِّر أولاً من ستتلقى العلم عنده، ثم إذا قرّرت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخاً، ولا فرق بين أن تجعل لك شيخًا في الفقه وتستمر معه في الفقه، وشيخاً آخر في النحو وتستمر معه في النحو، وشيخًا آخر في العقيدة والتوحيد وتستمر معه، المهم أن تستمر لا أن تتذوق، وتكون كالرجل المطلاق كما تزوج امرأة وجلس عندها أيامًا طلقها وذهب يطلب أخرى"
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في العلم (237-240) أن من الأمور التي ينبغي لطالب العلم مراعاتها عند طلبه لأي علم:
(( أولاً: حفظ متن مختصر فيه.
ثانيًا: ضبطه وشرحه على شيخ متقن وتحقيق ألفاظه وما كان زائدًا أو ناقصًا.
ثالثًا: عدم الاشتغال بالمطولات، وهذه الفقرة مهمة لطالب العلم، فلا بد لطالب العلم أن يتقن المختصرات أولاً حتى ترسخ العلوم في ذهنه ثم يُفيض إلى المطولات.
رابعًا: لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب فهذا من باب الضجر، وهذه آفة تقطع على الطالب طلبه وتضيع عليه أوقاته، فإذا كان كل يوم له كتاب يقرأ فيه، فهذا خطأ في منهج طالب العلم، فإذا قرأت كتابًا من كتب العلم فاستمر فيه، ولا تقول : أقرأ كتابًا أو فصلا من هذا الكتاب ثم أنتقل للآخر، فإن هذا مضيعة للوقت.
خامسًا: اقتناص الفوائد والضوابط العلمية.
سادسًا: جمع النفس للطلب، فلا يشتتها يمينًا ويسارًا))

أخوكم المحب


أحمد بن عمر بازمول